انشقاقات كبيرة داخل نقابة المحامين المصرية على خلفيات سياسية ومهنية
عدد أعضائها 400 ألف.. والحزب الحاكم يخوض «صراع نفوذ» للهيمنة عليها
القاهرة: عبد الستار إبراهيم
تفجرت خلافات كبيرة بين المحامين المصريين البالغ عدهم 400 ألف على خلفيات سياسية ومهنية بسبب تقدم نواب من الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم الذي يرأسه الرئيس المصري حسني مبارك، باقتراح تم الموافقة عليه بشكل جزئي في مجلس الشعب (الغرفة الأولى في البرلمان)، بتعديل مواد، واستحداث أخرى، في القانون المنظم لعمل نقابة المحامين التي تعد من أكبر النقابات المصرية عدداً وتأثيراً في الحياة السياسية في البلاد، ويتصارع على النفوذ فيها وبخاصة خلال العقود الثلاثة الأخيرة جماعات موالية للحزب الحاكم، وأنصار لمعارضين سياسيين على رأسهم محامون منتمون لجماعة الإخوان المسلمين التي تتعامل معها الحكومة باعتبارها جماعة محظورة. ويقول معدو الاقتراح ومؤيدوه، ومنهم نقيب المحامين، سامح عاشور، إن التعديلات المقدمة على مشروع قانون المحاماة تستهدف «وضع ضوابط موضوعية لتحديد أعداد المقبولين بالنقابة (التي يبلغ عد المقيدين بها نحو400 ألف محام، منهم 300 ألف لهم حق التصويت)»، و«تنظيم عمل المحامين الأجانب في مصر»، و«إلزام المتقدم للقيد في النقابة بالكشف الطبي للتأكد من صلاحيته لممارسة المهنة»، و«إسقاط قيد المحامي (منعه من ممارسة المهنة) بمجرد افتقاده شروط القيد التي تم استحداثها، ومنها أن يكون المحامي محمود السير والسلوك، وألا يخالف ذلك».
لكن المعارضين لاقتراحات الحزب الحاكم، والذين تقدموا باقتراحات بديلة لمجلس الشعب، وحصلوا على وعد من رئيس المجلس الدكتور أحمد فتحي سرور بمناقشتها، قالوا، بحسب الدكتور أحمد أبو بركة، وهو محام ونائب بالبرلمان عن كتلة جماعة الإخوان، إن قانون المحاماة الجديد..«هو وسيلة جديدة تريد الحكومة من خلالها أن تلغي دور القوى الفاعلة في المجتمع وعلى رأسها نقابة المحامين.. تريد (الحكومة) إلغاء حق المحامين في اختيار من يمثلهم، وفرض مجلس معين تابع للسلطة عليهم».
وأوضح النائب، المحامي، صبحي صالح، لـ«الشرق الأوسط» أن «وضع شروط حصول المحامي على دبلوم وعلى اجتياز الكشف الطبي وغيره من شروط الغرض منها السيطرة على جداول القيد، وبالتالي التحكم في من سيهيمن على النقابة، عقب أي انتخابات قادمة». وقال النائب الوفدي، أحمد ناصر، وهو محام، إن الاقتراح بمشروع التعديلات المقدمة من الحزب الحاكم «هو مشروع إجرامي، لأنه يركز السلطة في يد نقيب المحامين.. يعطونه سلطة الإحالة (إحالة المحامين) لمجلس التأديب.. وتضع (الاقتراحات) مادة جديدة في صدر القانون بتشكيل لجنة تعتبر من قبيل فرض الحراسة على نقابة المحامين.. الهدف السيطرة على النقابة لصالح الحزب الوطني، لإنهاء الدور الوطني والقوي للنقابة.. وأوضح مثال على ذلك إفشال مؤتمر المحاكمة الشعبية للمسؤولين عن تصدير الغاز المصري لإسرائيل الذي كان مقرراً عقده في نقابة المحامين». وأحالت لجنة الاقتراحات والشكاوى بمجلس الشعب تقريراً للجلسة العامة بموافقتها على الاقتراح بمشروع القانون الذي تقدم به كل من زعيم الأغلبية في البرلمان الدكتور عبد الأحد جمال الدين، ووكيل لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية في البرلمان، إبراهيم الجوجري (وكلاهما يعمل بالمحاماة) لكن لم يتم إدراج التقرير في جدول أعمال البرلمان هذا الأسبوع، كما توقع محامون معارضون توجهوا لمبنى البرلمان أمس للاحتجاج، إذ قال مصدر في أمانة البرلمان إن الاقتراح بتعديل قانون المحاماة يتطلب عرضه على لجنة تشريعية مختصة قبل مناقشته وإقراره بشكل نهائي في البرلمان..«قد يتم الانتهاء من هذه العملية في الأسبوع الأول من الشهر المقبل». وفشل أمس نحو 3 آلاف محام في الوصول إلى مبنى البرلمان بسبب تعزيزات أمنية وحواجز، كانوا يريدون التظاهر أمام المبنى بوسط العاصمة، فيما تمكن وفد من أعضاء من مجلس نقابة المحامين معارضين لاقتراحات الحزب الحاكم من الالتقاء أمس في البرلمان بنواب يرفضون ذات الاقتراحات غالبيتهم من الإخوان ومن حزب الوفد الليبرالي المعارض، ومن كتلة المستقلين، من بينهم طلعت السادات، ابن شقيق الرئيس المصري الراحل أنور السادات، وذلك من أجل «حشد النواب الذين يعملون بالمحاماة للوقوف ضد مشروع التعديلات»، ووعد «السادات» مندوبين إخوان من مجلس نقابة المحامين بترتيب لقاء لهم مع «الدكتور سرور» في وقت لاحق من هذا الأسبوع..«للتمهل في عرض اقتراحات الحزب الحاكم». وأشد ما يقلق المعارضين لمقترحات «جمال الدين» و«الجوجري» ما جاء في بداية مشروع التعديلات التي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها، ويقول نصها «يشكل مجلس مؤقت برئاسة آخر نقيب عام منتخب وعضوية نقباء النقابات الفرعية ويستمر هذا التشكيل لمدة عام من تاريخ صدور هذا القانون وتكون مهمته، بالإضافة إلى صلاحياته المقررة قانوناً، ضبط جداول الجمعيات العمومية لـ(محاميي) المحاكم الجزئية، كما تستمر مجال النقابات الفرعية لحين الدعوى لإجراء انتخابات جديدة بعد إعداد الجداول طبقاً لأحكام هذا القانون». كما يقلق المحامين المعارضين داخل مجلس نقابة المحامين وفي البرلمان، فقرة أضافتها اقتراحات الحزب الحاكم للمادة 13 من القانون الحالي، من شأنها أن توجد ذريعة لاستبعاد مئات المحامين من عضوية النقابة، ويقول نص هذه الإضافة الواردة على البند رقم 8 من ذات المادة، إن مخالفة أي من شروط القيد في النقابة تُسقط العضوية عن المحامي..» بقوة القانون من تاريخ افتقاده أي من هذه الشروط (مثل حسن السير والسلوك، وأن يكون أهلاً للاحترام ولائقاً طبياً) دون حاجة إلى صدور قرار بذلك من لجنة القيد».